أردت في هذه الكلمة أن اكشف بقدر ما أستطيع عن مجالات الجارم - رحمه الله - في غير ميدان الشعر، الذي عرف به، ومن اجله لمع أسمه، وذاع صيته وعرفه القاصي والداني من أهل المشرق والمغرب. فمن حق الجارم على مصر أن تذكره كلما ذكرت سدنة العربية وحراس هيكلها، ومن حقه على المجمع اللغوي أن يذكره كلما عرض على بساط البحث مسالة من مسائل اللغة، ومن حقه على دار العلوم أن تخلد اسمه إما بإنشاء كرسي فيها للأدب يطلق عليه اسمه كما اقترح ذلك أحد زملائه من قبل، وإما بإنشاء قاعة للمحاضرات تسميها قاعة (الجارم)، وإما بالاكتتاب في مشروع نافع باسمه يوزع ريعه على الأوائل في اللغة والأدب من طلابها أما عن الجارم الشاعر فموعدنا به جولة أخرى على صفحات الرسالة الغراء. عبد الجواد سليمان المدرس بمعلمات سوهاج
ويجب على جميع الطلاب أن يتابعوا قراءتها باعتناء، فهي الصحيفة التي تهذب الأسلوب، وتثقف العقل. ثم مددت يدك إلى القمطر، وأخرجت كراسة الإنشاء لتريني درجاتك العالية في التعبير، ناسبا تفوقك الحميد إلى الرسالة فهي وحدها صاحبة الفضل في هذه الدرجات!! مدارس العقيق جدة و الرياض. وأذكر أن درجاتك الممتازة، قد جذبت اهتمامي إليك وإلى الرسالة فخرجت من الدراسة متجها إلى بائع الجرائد، وأخذت نسخة من الرسالة، وقضيت بقية اليوم، وجزءا غير قصير من الليل أتصفحها ورقة ورقة؛ ففهمت أكثر ما تحتويه من مقالات وقصص، وقصائد، وشعرت بإكبار وإجلال نحو ما لم أفهمه من البحوث العلمية الدقيقة، متمللا بقرب اليوم الحبيب الذي ستتسع فيه ملكة الفهم لدي، فأستوعب جميع ما في الرسالة الحبيبة، من الغلاف إلى الغلاف!! ورجعت إليك في اليوم الثاني فحدثتك عما فهمته وما لم أفهمه، فوجدتك تشاركني الرأي وتقف من موضوعات الرسالة موقفي منها سواء بسواء. ومن هذا اليوم بدأنا نجلس مما على قمطر واحد، ونتنزه معا إذا أردنا أن نزهر ثم لا نترك الحديث يوما واحدا عن الرسالة فنحن إذا أتى العدد الأسبوعي نطالعه بجد ويقظة، ثم نتقابل ليذكر كل منا ما علق بذهنه من الأفكار الجديدة، والبواب الطريفة؛ وبدأنا نكون لنا آراء عن الأدباء من كتاب وشعراء.
وما أشعار نجد والحجاز والعقيق ورامة وغيرها إلا بعض من كل، وقُل من جل، مما يتمثل فيه هذا اللون من الشعر العاطفي أحسن مثال.
وكأني لم أنتقل من مكان إلى مكان، فرحم الله المرشد الشهيد، وكتب للزيات عمرا فسيحا يسعد به الشرق والإسلام. أرى أن الحديث عن الرسالة يذهب بي كل مذهب! حتى لأعجز أن ألم بأطرافه، فهو حديث الصبا والشباب والآمال، وحديث الخلق والعروبة والإسلام! ولو كنت معي الآن لحدثتك بما يزدحم في صدري من الخواطر عن الرسالة، ولكن القدر الذي جمعنا أثناء الدراسة في معهد واحد، وأجلسنا على مقعد واحد، قد باعد ما بيننا أثناء التدريس، فأصبحت أدعوك من مكان بعيد، راجياً لك السعادة والصفاء. فهيهات العقيق! وكيف يدنو؟... مجلة الرسالة/العدد 212/الكتب - ويكي مصدر. وهيهات الغداة فتى العقيق. (أبو تبج) محمد رجب البيومي