سر صلاحك في صلاح سرك، وباب جنتك في طهارة قلبك: إن سرَّ صلاحِك يكمُن في إصلاحِ سرك، فضع نيةَ الخير في قلبك وسيتولى الله أمرَك، وكم من أبواب عظيمة فُتِحَت بمفتاح النية الطيبة، وكم من شخصٍ رُزِق بنيته الطيبة أكثرَ مما يتوقع، وعلى قدر نياتكم ترزقون. لوْ يَعْلَمُ المَــرْءُ عَنْ تَدْبِيْرِ خَالِقِهِ.... لَه لَـمَا نَاحَ حُزْناً أَوْ شَــكَا أَلَـمَا خَرْقُ السَّفِيْنَةِ كَانَ الشَّرُّ ظَاهِرَهُ.... على قدر النوايا تكون العطايا | صحيفة مكة. وَالخَيْرُ فِيْهِ فَسُبْحَانَ الَّذِي حَكَمَا فهُما في الوزر سواء. والنية الصالحة كما تزيد صاحبها خيرا فإن النية السيئة تزيد صاحبها سوءًا يقول تعالى: {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا}[البقرة:9]. فكما أن النية الطيبة قد تُبَلِّغك منازلَ المتصدقين، فإن النيةَ السيئةَ قد تبلغك منازلَ الخاسرين، ففي بقية حديث أبي كبشة المتقدم يقول الحبيب صلى الله عليه وسلم: (وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ عِلْمًا، فَهُوَ يَخْبِطُ فِي مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ لَا يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ، وَلَا يَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ، وَلَا يَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا، فَهَذَا بِأَخْبَثِ المَنَازِلِ، وَعَبْدٍ لَمْ يَرْزُقْهُ اللَّهُ مَالًا وَلَا عِلْمًا فَهُوَ يَقُولُ: لَوْ أَنَّ لِي مَالًا لَعَمِلْتُ فِيهِ بِعَمَلِ فُلَانٍ فَهُوَ بِنِيَّتِهِ فَوِزْرُهُمَا سَوَاءٌ).
فما أعظم النية! فإنك تستطيع بنيتك الصادقة وعمل قلبك الخالص أن تلحق بأجر المحسن العظيم، وإن لم يكن لديك مال تتصدق به، ففي حديث أبي كبشة الأنماري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إِنَّمَا الدُّنْيَا لِأَرْبَعَةِ نَفَرٍ: عَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالًا وَعِلْمًا فَهُوَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ، وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ، وَيَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا، فَهَذَا بِأَفْضَلِ المَنَازِلِ، وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ عِلْمًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ مَالًا فَهُوَ صَادِقُ النِّيَّةِ يَقُولُ: لَوْ أَنَّ لِي مَالًا لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلَانٍ فَهُوَ بِنِيَّتِهِ فَأَجْرُهُمَا سَوَاءٌ)[رواه الترمذي وقال: حسن صحيح]. وفي الحديث الصحيح يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (منْ سَأَلَ اللهَ تَعَالَى الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ بَلَّغَهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ، وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ)[رواه مسلم]، فكل من صدق الله صدقه الله جل في علاه. على قدر النوايا تكون العطايا - نظافة قلبك، وسلامةُ صدرك، ونيتُك الصافية، هي مفتاح التيسير والمنح والفتوحات في هذه الحياة. - ولا يغلق باب على العبد فيصدق في نيته ويحسن الظن بربه إلا ويفتح الله له أبوابا أوسع وأرحب يقول سبحانه: {إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ}[الأنفال:70].
وفي قصة أصحاب الجنة الذين أضمروا النيةَ بحرمان المساكينِ فعاقبهم الله، فتحولت بَساتينُهم إلى سواد وجناتهم إلى رماد يقول سبحانه: {إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَ ا مُصْبِحِينَ (17) وَلَا يَسْتَثْنُونَ (18) فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ (19) فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ}[القلم:17ـ20]. اللهم أصلح لنا النيات، وحقق لنا الأمنيات، وبلغنا الغايات في أعلى الجنات. اللهم أصلح نوايانا، وأكرم عطايانا، واجعلنا من عبادك المحسنين. منقول الكلمات الدلالية لهذا الموضوع ضوابط المشاركة لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة لا تستطيع الرد على المواضيع لا تستطيع إرفاق ملفات لا تستطيع تعديل مشاركاتك قوانين المنتدى