يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَآ إلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ آل عمران: 185، ويقول النبي ﷺ: "تركت فيكم واعظين؛ ناطقاً وصامتاً، الناطق القرآن، والصامت الموت". كفى بالموت واعظا يا عمر. وفي القرآن والموت كفاية لكل متعظ، فمن لم يتعظ بهما قلما يتعظ بغيرهما، القرآن واعظ وأي واعظ، يقول تعالى: ﴿ لَوَ اَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْءَانَ عَلَى ا جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الاَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ الحشر: 21. والموت واعظ وأي واعظ، لقد نقش عمر بن الخطاب رضي الله عنه على خاتمه عبارة "كفى بالموت واعظاً يا عمر". كنا أمواتاً فأحيانا الله ثم يميتنا ثم يحيينا ثم يرجعنا إليه للحساب والجزاء، يقول تعالى ﴿ كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمُ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ البقرة: 28. فذكر الموت يرقق القلوب، ويرعد الفرائص، ويذرف الدمع، ويدمع العين، ويقطع الأمل بالدنيا، ويحث على عمل الآخرة، ويدفع إلى التزود بزاد التقوى، ويحض على الاستعداد للقاء الله تعالى.
٩- التخفف من ضياع الوقت عند القنوات أو وسائل التواصل. فحاسب نفسك كم أهدرت من أوقات عندها وماذا استفدت منها وهل ستنفعك في القبر أو يوم القيامة. ١٠- ومن الأسباب المُعينة بإذن الله سماع المواعظ المُذكرة بالتوبة وعظيم فضل الله سبحانه. ومن ذلك الأدلة التالية: قال سبحانه: ﴿ وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا ﴾ [النساء: 110].
ابن آدم: ذنبك.. ذنبك؛ فإنما هو لحمك ودمك، فإن سلمت من ذنبك؛ سلم لك لحمك ودمك، وإن تكن الأخرى؛ فإنما هي نارٌ لا تطفأ؛ وجسم لا يبلى؛ ونفس لا تموت ".. وحـــــــدثتـك الليالــي أن تفريق ما جَمَعَتْـهُ فاسمـع وكن على حذرٍ منها فقد وانظـــر إليها تـرى الآيات فهل رأيت جديداً لم يَعُد وهل سمعت بصفوٍ لم يَعُد بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.. الخطبة الثانية الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على ورسوله وعبده ،نبينا محمد وعلى آله وصحبه. أما بعد.. فحريٌّ بالعبد حين يوقن أنه راحل عن هذه الدنيا أن يستعد لرحيله؛ ويتزودَ من الزاد الذي يبلغه إلى حيث النجاة والسلامة. كفي بالموت واعظا يا عمر. وقد نصحنا نبينا الكريم r وأخلص في النصيحة؛ لمعرفته بما ينتظرنا من أهوال؛ قال عبدُ الله بن عمر ب: أخذ رسول الله r بمنكبي وقال: « كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل؛ وكان ابن عمر يقول: إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك ». ومن تأمل أحوال الماضين وكلامَهم حين منازعة الروح في حال الاحتضار؛ كان ذلك أعظم واعظٍ له؛ فقد بلَّغوا الوصية بأصدق لهجة؛ ووصفوا حالَهم بأتّمِ بيان وأجزله؛ لمّا عاينوا الحقيقة.