قال ابن حجر -رحمه الله- تنبيهًا بعد شرحه لهذا الحديث: "إن هذه الخصالَ السبعة، يشترك فيها النساء إذا كان المراد بالإمام العادل الإمامة العظمى، وإلا فيمكن دخول المرأة حين تكون ذات عيال، فتعدل فيهم كما في حديث ابن عمر -رضي الله عنهم- أن: " المرأة راعية في بيت زوجها، ومسئولة عن رعيتها "(رواه البخاري)، وتخرج أيضًا خصلة ملازمة المسجد، لأن صلاة المرأة في بيتها أفضل من المسجد، وما عدا ذلك فالمشاركة حاصلة لهن". وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "ذَكَرَ النبي -صلى الله عليه وسلم- هؤلاء السبعة، إذ كلٌّ منهم كَمَّل العبادة التي قام بها، فالإمام العادل كمَّل ما يجب من الإمارة، والشاب الناشئ في عبادة الله كمَّل ما يجب من عبادة الله، والذي قلبه معلق بالمساجد كمَّل عمارة المساجد بالصلوات الخمس؛ لقوله: ( إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ)[التّوبَة: 18]، والعفيف كمَّل الخوف من الله، والمتصدق كمّل الصدقة، والباكي كمّل الإخلاص".
ومن أهم صفات المؤمن أن يكون عادلاً في كل ما يصدر عنه من قول أو فعل أو شهادة ، مع الناس جميعاً ، فلا تدفعه عاطفة الحب إلى المحاباة بالباطل ، ولا تمنعه عاطفة الكره من الإنصاف وإعطاء الحق لمن يستحق قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [المائدة: 8]. الشاب الملتزم بطاعة الله: مرحلة الشباب مرحلة العطاء والبناء ، والشاب لديه طاقات هائلة فإن لم يسخرها في الخير توجهت به نحو الشر والفساد والشهوات ، فيخسر دنياه وآخرته ، ولذلك فالشاب الذي يلتزم بهدي الإسلام وينأى بنفسه عن الطيش والشهوات والنزوات ، ويستثمر هذه الفترة الغالية من عمره في بناء قدراته الروحية والفكرية والجسدية ، ويسخر ذلك كله فيما يعود بالخير والصلاح على نفسه ومجتمعه وأمته ، يبشره رسول الله ﷺ بأنه سيكون من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم القيامة يوم لا ظل إلا ظله تعالى. ولكي يستفيد الشاب من شبابه ويستثمره في طاعة الله ، فإنه ينبغي عليه أن يقوم بما يأتي: تحديد أهدافه في الحياة بوضوح ، وجعل هدفه الأسمى أن ينال رضوان الله تعالى.
جعلنا الله وإياكم ممن يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله. ثم اعلموا أن الله أمركم بالصلاة والسلام على نبيه؛ فصلوا عليه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات النَعيمْ تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
والثالث: « رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه »، رجلان تحابا في الله، يعني: ليس بينهما صلة من نسب أو غيره، ولكن تحابا في الله. كل واحد منهم رأى أن صاحبه ذو عبادة وطاعة لله - عز وجل - وقيام بما يجب لأهله ولمن له حق عليه، فرآه على هذه الحال فأحبه. « اجتمعا عليه وتفرقا عليه » يعني: اجتمعا عليه في الدنيا، وبقيا على ذلك إلى أن ماتا فتفرقا على ذلك؛ هذان أيضًا ممن يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله. والرابع: « رجلٌ قلبه معلق بالمساجد » يعني: أنه يألف الصلاة ويحبها وكلما فرغ من صلاة إذا هو يتطلع إلى صلاة أخرى، فالمساجد أماكن السجود، سواء بُنيت للصلاة فينا أم لا، المهم أنه دائمًا يرغب الصلاة قلبه معلق بها؛ كلما فرغ من صلاة تطلع للصلاة الأخرى. وهذا يدل على قوة صلته بالله - عزّ وجلّ - لأن الصلاة صله بين العبد وبين ربه، فإذا أحبها الإنسان وألفها فهذا يعني: أنه يحب الصلة التي بينه وبين الله، فيكون ممن يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله. شرح حديث سبعة يظلهم الله في ظله pdf. والخامس: « رجلٌ دعته امرأة ذات منصب وجمال »، يعني: دعته لنفسها لفجر بها، ولكنه كان قوي العفة، طاهر العرض « قال: إني أخاف الله » فهو رجل ذو شهوة، والدعوة التي دعته إليها هذه المرأة توجب أن يفعل؛ لأنها هي التي طلبته، والمكان خال ليس فيه أحد، ولكن منعه من ذلك خوف الله - عز وجلّ – قال: إني أخاف الله، لم يقل: أخشى أن يطلع علينا أحد، ولم يقل إنه لا رغبة له في الجماع، ولكن قال: إني أخاف الله، فهذا يظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله لكمال عفته.
والسادس: « رجلٌ تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه »، تصدق بصدقة مخلصًا بذلك لله - عزّ وجلّ - حتى انه لو كان أحدًا على يساره ما علم بذلك من شدة الإخفاء فهذا عنده كمال الإخلاص، فيظله الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وهذا ما لم يكون إظهار الصدقة فيه مصلحة وخير، فإذا كان في إظهار الصدقة مصلحة وخير كان إظهارها أولى، لكن إذا لم يكن فيه مصلحة فالإسرار أولى. والسابع: « رجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه » ذكر الله خاليًا في مكان لا يطلع عليه أحد، خاليًا قلبه من التعلق بالدنيا، فخشع من ذلك وفاضت عيناه. هؤلاء السبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، قد توجد صفتان فأكثر في شخص واحد، وقد لا يوجد في الإنسان إلا صفة واحدة وهي كافية. حديث شريف سبعة يظلهم الله في ظله - حياتكَ. ذكر المؤلف حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - أن النبي ﷺ قال: « المقسطون على منابر من نور يوم القيامة، الذين يعدلون في أهليهم وما ولوا » يعني: أن المقسطين العادلين في أهليهم وفيمن ولاهم الله عليه، يكونون على منابر من نور يوم القيامة على يمين الله - عزّ وجلّ. دليلٌ على فضل العدل في الأهل، وكذلك في الأولاد، وكذلك أيضًا في كل من ولاك الله عليه، اعدل حتى تكون على منبر من نور عن يمين الله - عز وجل - يوم القيامة، والله الموفق.