ما الرأي في إنسان عينته هيئة أو مؤسسة لأداء وظيفة محددة، يتقاضى منها راتبه، ويكون مسئولا عنها، ولكنه لم يؤد حق الوظيفة عليه، فتخلف عن العمل أياما كاملة أو ساعات من أيام، وهو قادر مختار ليس بمريض ولا مقهور؟ قد يختلف أعضاء لجنة الرأي في مثل هذا الموظف: فيرى بعضهم أنه أخل بالتزاماته الجوهرية نحو عمله، فلا عقوبة له إلا فصله وحرمانه من الوظيفة، ويرى آخرون أن يجازى بعقوبة أخرى غير الفصل مادام غير مستخف بالعمل ولا مستهزئ به. وهذا المثل يوضح لنا موقف أئمة الإسلام في المسلم الذي ترك العبادات عمدا وبخاصة الصلوات المفروضة اليومية. فيرى بعضهم أن الوظيفة الأولى للمسلم، بل للإنسان في الحياة، هي عبادة الله وحده، وتركها يعد إخلالا بعمل المسلم الجوهري، فلهذا لا يستحق هذا اسم الإسلام، ولا الانضواء تحت لوائه. ويؤيد هذا الرأي ما جاء في الحديث الصحيح (بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة)(رواه مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة وأحمد). (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)(رواه أحمد وأصحاب السنن). العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة. ويرى آخرون أنه إذا لم يكن منكرا ولا مستخفا بفرائض الإسلام، وكان مقرا بتقصيره، نادما عليه، تواقا إلى التوبة، فهذا يظل في زمرة المسلمين محكوما له بالإسلام.
فكان أول مظهر من مظاهر كفرهم وإجرامهم أنهم لم يكونوا من المصلين. وإذا رجعنا إلى السنة وجدنا الأحاديث النبوية تؤكد كفر تارك الصلاة. فعن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة) رواه مسلم وعن بريدة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) ورواه الخمسة وصححه النسائي والحافظ العراقي. صحة حديث العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر - عربي نت. وجاء عن معاذ بن جبل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (لا تترك الصلاة متعمدا فإن من ترك الصلاة متعمدا فقد برئت منه ذمة الله) رواه الطبراني في الأوسط بإسناد، قال المنذري: لا بأس به في المتابعات. وعن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر الصلاة يوما فقال: (من حافظ عليها كانت له نوراً وبرهاناً ونجاةً يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نوراً ولا برهاناً ولا نجاةً، وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأبي بن خلف) رواه أحمد قال الهيثمي: ورجاله ثقات. يقول ابن القيم رحمه الله: "من شغله عن الصلاة ملكه حشر مع فرعون، ومن شغله عنها ماله حشر مع قارون، ومن شغله عن الصلاة جاهه حشر مع هامان، ومن شغله عنها تجارته حشر مع أبي بن خلف".
فإذا كان من لم يحافظ على الصلاة يحشر مع هؤلاء الكفرة العتاة -وهم أشد أهل النار عذابا فما بالكم بمن تركها تركا كليا وعاش عمره لم يركع لله ركعة ولا سجد له سجدة؟ وقال صلى الله عليه وسلم: (من ترك صلاة العصر حبط عمله)(رواه أحمد والبخاري والنسائي عن بريدة). فإذا كان ترك صلاة واحدة يحبط العمل فكيف بمن ترك الصلوات كلها؟ وروى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم هم أن يحرق على قوم بيوتهم لأنهم يتخلفون عن الجماعات(الحديث في الصحيحين) فكيف بمن لا يصلي أصلاً؟ وأخبر القرآن عن المنافقين أنهم إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى، فكيف بمن لا ينهض إلى الصلاة أبداً، لا نشيطاً ولا كسلان؟ هذه هي نصوص القرآن والسنة في شأن تارك الصلاة. روى الترمذي -وصححه- عن عبد الله بن شقيق العقيلي رضي الله عنه قال: (كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة) وعبارة الراوي تشعر أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا متفقين على هذا الرأي. ولهذا لم ينسبه إلى واحد معين منهم. وهذا ما رواه أهل العلم وأصحاب الأثر عن الصحابة والتابعين وفقهاء الحديث. وقال محمد بن نصر المروزي في كتابه عن "الصلاة": سمعت إسحق -يعني ابن راهويه يقول: صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن تارك الصلاة كافر، وكذلك كان رأي أهل العلم من لدن النبي صلى الله عليه وسلم أن تارك الصلاة عمداً من غير عذر حتى يذهب وقتها كافر.
وقد كان نبي الله نوح ـ عليه السلام ـ رجلاً صالحاً في قومه رفض مُنذ صغره عبادة الأصنام والشرك بالله والوثنية، واختره الله تعالى ليكون نبي ورسول إلى قومه يدعوهم إلى عبادة الله وحدة والإيمان بوجوده وترك عبادة الأصنام. إلا أن قومه أستمروا في كفرهم رافضين دعوته وحاولوا إلحاق الأذى به ورده عن طريق الحق كما لم يسلم من شرهم الضعفاء والمحتاجين إلا قلة قليلة، لذا فقد ألهم الله ـ عز وجل ت نبيه نوح بأن يقوم ببناء فُلك عظيم ليكون أداة لنجاة المؤمنين وخلاصهم من الشر الذي سيتذوقه الكفار جزاءً لجحودهم.
[٣] المراجع ↑ "أول نبي بعد آدم عليه السلام " ، إسلام ويب ، 2006-8-9، اطّلع عليه بتاريخ 2018-9-21. بتصرّف. ↑ ابن كثير (2003)، البداية والنهاية ، السعودية: دار عالم الكتب ، صفحة 237، جزء 1. بتصرّف. ↑ هبة بنت أحمد أبو شوشة (2015-2-17)، "قصة نوح عليه السلام " ، شبكة الألوكة ، اطّلع عليه بتاريخ 2018-9-21. بتصرّف.
من فضائل النبي صلى الله عليه وسلم: أول من تنشق عنه الأرض ويكسى في أرض الموقف ويقوم عن يمين العرش عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أنا أول من تنشق عنه الأرض، فأُكسى حُلة مِن حُلل الجنة، ثم أقوم عن يمين العرش، ليس أحد من الخلائق يقوم ذلك المقام غيري)؛ رواه الترمذي، وقال: هذا حديث حسن غريب صحيح. وعَن ابْن عَباس قَالَ: «قَامَ فِينَا النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَطب فَقَالَ: إِنكم تحشرون حُفَاة عُرَاة غرلًّا ﴿ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ ﴾ [الأنبياء: 104]، وَإِن أول الْخَلَائق يكسى يَوْم الْقِيَامَة إِبْرَاهِيم، وَإنَّهُ سيجاء بِرِجَال من أمتِي، فَيُؤْخَذ بهم ذَات الشمَال، فَأَقُول: يَا رب أَصْحَابِي، فَيُقَال: إِنَّك لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بعْدك، فَأَقُول كَمَا قَالَ العَبْد الصَّالح: ﴿ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ ﴾ [المائدة: 117]، إِلَى قَوْله: ﴿ الْحَكِيم ﴾، فَيُقَال: إِنَّهُم لم يزَالُوا مُدبرين على أَعْقَابهم»؛ رواه البخاري. وقد يسأل سائل: عن السبب الذي أُعطي له إبراهيم عليه السلام هذه الفضيلة، ولم يجد ذلك نبينا صلى الله عليه وسلم مع أنه أفضل.