وما من شك أن هذا النداء العظيم المتكرر كلَّ ليلة من ليالي رمضان يُعَدُّ حافزاً عظيماً للهمم والعزائم في شهر الخيرات ؛ ينادي المقبلين على الخيرات تحفيزاً لهم وشحذاً لهممهم لاستباق الخيرات ؛ سواء كانت متعلقة بالنفس كالمحافظة على الواجبات وأداء الصلاة والصيام وغيرها من الواجبات على أتم الوجوه وأفضلها والمنافسة في أداء النوافل والسنن واجتناب المحرمات والمكروهات ، أو كانت متعلقة بالغير كبذل النصيحة لهم وبر الوالدين وصلة الأرحام والإحسان إلى الجيران وسائر الناس ، وكالإنفاق في سبيل الله ومساعدة الفقراء والمحتاجين ، وكفّ الأذى عن الناس ومساعدتهم بالمال والبدن والجاه. وكان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك أكملَ هدي وأحسنَ هدي ، يقول ابن القيم رحمه الله مبيِّناً هديه صلى الله عليه وسلم في الصدقة والإحسان إلى الناس: (( كان صلى اللَّه عليه وسلم أعظمَ الناس صدقةً بما ملكت يدُه ، وكان لا يستكثر شيئاً أعطاه للهِ تعالى ولا يستقِلُّه، وكان لا يسأله أحدٌ شيئاً عنده إلا أعطاه قليلاً كان أو كثيراً ، وكان عطاؤه عطاء مَنْ لا يخاف الفقر ، وكان العطاءُ والصدقةُ أحبَّ شيءٍ إليه، وكان سروره وفرحه بما يعطيه أعظمَ من سرور الآخذِ بما يأخذه، وكان أجودَ الناس بالخير، يمينه كالريح المرسلة ، وكان إذا عرض له محتاج آثره على نفسه، تارة بطعامه، وتارة بلباسه.
وصَلُّوا وسلِّموا -رعاكم الله- على محمّد بن عبد الله كما أمركم الله بذلك في كتابه، فقال: ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)[الأحزاب: 56]. اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميد مجيد. وارضَ اللَّهم عن الخلفاء الراشدين الأئمة المهديين أبي بكر الصديق، وعمر الفاروق، وعثمان ذي النورين، وأبي الحسنين علي، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنـِّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين. خطبة يا باغي الخير أقبل. اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمّر أعداء الدين واحمِ حوزة الدين يا رب العالمين. اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وفق ولي أمرنا لهداك واجعل عمله في رضاك، اللهم وأعنه على طاعتك يا حي يا قيوم. اللهم وفق جميع ولاة أمر المسلمين للعمل بكتابك وتحكيم شرعك واتباع سنة نبيك محمد -صلى الله عليه وسلم-. اللهم آت نفوسنا تقواها، زكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها.
قال: اطلُبوا من فضلِ الله، ولا تكونوا عيالًا على المسلمين.