والله أعلم.
السؤال: هل تُحاسب الأم، أو يحقُّ لها أن تفعل مع ابنتِها ما تشاء، من أن تغتابَها، أو تظلمَها، أو تُعاملها معاملةً غير حسنةٍ؟ الإجابة: الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ: فقد حصرَ العُلماء المسائلَ التي يَجوزُ فيها الغِيبة عند الحاجة، ولم يَستثْنُوا غِيبة الأمِّ لابنتِها، مثل رسالة الإمام الشَّوكاني: "رفع الرِّيبة فيما يَجوز وما لا يَجوز من الغِيبة". وقد جَوّز العلماء الغيبة في ستَّة مواضعَ، منظومة في قول بعضِهم؛ كما في "حاشية الشَّرقاوي على التَّحرير": القَدْحُ لَيْسَ بِغِيبَةٍ فِي سِتَّةٍ *** مُتَظَلِّمٍ وَمُعَرِّفٍ وَمُحَذِّرِ وَلِمُظْهِرٍ فِسْقًا وَمُسْتَفْتٍ وَمَنْ *** طَلَبَ الإِعَانَةَ فِي إِزَالَةِ مُنْكَرِ وعليه؛ فغِيبةُ الأمِّ لابنتِها مُحرَّمةٌ كغيرِها، وإن كان يستثنى ما يحتاج إليه الوالدان في تربية الأبناء ، كذكرهم عيوب الابن من أجل البحث عن حلها. أمَّا ظلم الأمِّ لابنتِها ومعاملتُها بسوء، فلا يَجوز أيضًا؛ لأنَّ الشَّرع لم يُبِحِ الظلم لأيِّ أحد؛ كما قال الله تعالى في الحديث القدسي: " يا عبادي، إنِّي حرَّمتُ الظُّلْم على نفْسِي، وجعلْتُه بينَكم مُحرَّمًا، فلا تَظالموا " (رواهُ مُسلم).
وهذا من العقوق المحرم، وحل هذه المشاكل لا يكون بترك القول الكريم، بل بأن تتجمل الأخت السائلة بالحلم والصبر، وأن تحمل نفسها على مقابلة السيئة بالحسنة، والكلمة القاسية بالطيبة، أو الإعراض بحلم، وأن لا تزيد على القول الكريم؛ فإن ذلك يوقد فتيل الأزمة، ويوقظ ذكريات الماضي السيئة. وللوقوف على مجموعة الضوابط الشرعية للحوار مع الوالدين انظري الفتاوى أرقام: 50556 ، 200023 ، 5925 . ما حكم ظلم الام لابنتها - إسألنا. فإن مراعاتها جديرة بأن تحميك من الوقوع في العقوق بسبب الحوار. نعم، إذا بلغت العلاقة من السوء مبلغا لا يحتمل أي كلمة طيبة، أو قول كريم، بل لا يزيد ذلك الوضع إلا تأزما لشدة المقت، والتوتر بينكما، فههنا تكون قد غلبت مفسدة أصل التكلم على مصلحة حسن الكلمة، فينبغي تهدئة الأوضاع وترك الحوار، والسعي في إصلاح ذات البين بكل سبيل، والنظر في أسباب الوصول إلى هذه الحالة ومعالجتها بكل حكمة، فإذا سكن ما في النفوس فلا بد من الرجوع إلى القول الكريم، والكلمة الطيبة؛ فإن هذا من البر الواجب؛ لأن درء المفسدة والحالة هذه مقدم على جلب المصلحة. ولعله مما يعينك على برها وحسن صلتها، ورعايتها، وعلاج العلاقة المتوترة بينكما: الوقوف على خطورة عقوق الوالدة وعظيم حقها عليك؛ فانظري في ذلك الفتاوى أرقام: 32022 ، 39230 ، 78838 ، 99048 ، 121149 ، 160391 .
تاريخ النشر: الأربعاء 26 ذو الحجة 1434 هـ - 30-10-2013 م التقييم: رقم الفتوى: 225472 6971 0 208 السؤال مات أخي وترك زوجة، وبنتين. أرادت الأم أخذهما إلى إيطاليا، واستحوزت على مال أبيهما المدخر، فرفضتا العيش معها، وانقطعت الصلة بينهما وأنا الآن كافلهم، مع العلم أن الأم ليست صاحبة أخلاق حميدة، وأنا أخاف عقاب ربي. الرجاء أن تدلوني ما العمل؟ الإجابــة الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: فالأصل عند افتراق الزوجين أن حضانة الأطفال تكون لأمهم، ما لم يكن بها مانع من موانع الحضانة المبينة في الفتوى رقم: 9779 ومنها أن يكون الحاضن مقيما في بلد إقامة ولي المحضون. وإذا بلغ الأولاد سن التمييز، فالراجح عندنا تخييرهم في الإقامة مع من شاءوا من أهل الحضانة. قال ابن قدامة الحنبلي في المغني: فإن كان الأب معدوما، أو من غير أهل الحضانة، وحضر غيره من العصبات كالأخ، والعم، وابنه قام مقام الأب فيخير الغلام بين أمه وعصبته؛ لأن عليا رضي الله عنه خير عمارة الجرمي بين أمّه وعمه؛ ولأنّه عصبة فأشبه الأب. مع التنبيه على أنّ التخيير يكون حيث كان الطرفان من أهل الحضانة، أمّا إذا كان أحدهما ليس أهلاً للحضانة فلا تخيير، فإن كانت الأم فاسقة، أو غير مأمونة على الأولاد فلا حق لها في الحضانة، كما أن سفرها إلى بلد آخر يسقط حقها في الحضانة؛ وانظر الفتوى رقم: 116521.