وقيل: أراد الكفار((لا يملكون منه خطاباً))، فأما المؤمنون فيشفعون. قلت: بعد أن يؤذن لهم، لقوله تعالى:" من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه" [البقرة:255] وقوله تعالى: " يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا" [ طه:109]. القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة النبإ - الآية 37. يخبر تعالى عن عظمته وجلاله وأنه رب السموات والأرض وما فيهما وما بينهما وأنه الرحمن الذي شملت رحمته كل شيء, وقوله تعالى: "لا يملكون منه خطاباً" أي لا يقدر أحد على ابتداء مخاطبته إلا بإذنه كقوله تعالى: "من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه" وكقوله تعالى: "يوم يقوم الروح والملائكة صفاً لا يتكلمون" اختلف المفسرون في المراد بالروح ههنا ما هو ؟ على أقوال (أحدها) ما رواه العوفي عن ابن عباس أنهم أرواح بني آدم (الثاني) هم بنو آدم قاله الحسن وقتادة. وقال قتادة: هذا مما كان ابن عباس يكتمه (الثالث) أنهم خلق من خلق الله على صور بني آدم وليسوا بملائكة ولا بشر, وهم يأكلون ويشربون, قاله ابن عباس ومجاهد وأبو صالح والأعمش (الرابع) هو جبريل قاله الشعبي وسعيد بن جبير والضحاك, ويستشهد لهذا القول بقوله عز وجل: "نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين" وقال مقاتل بن حيان: الروح هو أشرف الملائكة وأقرب إلى الرب عز وجل وصاحب الوحي.
[النبإ: 37] رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرحْمَنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا الجلالين الطبري ابن كثير القرطبي البيضاوي البغوي فتح القدير السيوطي En1 En2 37 - (رب السماوات والأرض) بالجر والرفع (وما بينهما الرحمن) كذلك وبرفعه مع جر رب (لا يملكون) أي الخلق (منه) تعالى (خطابا) أي لا يقدر أحد أن يخاطبه خوفا منه وقوله: " رب السماوات والأرض وما بينهما الرحمن " يقول جل ثناؤه: جزاء من ربك رب السموات السبع والأرض وما بينهما من الخلق. رب السموات والارض وما بينهما الرحمن. واختلف القراء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قراء المدينة ( رب السموات والأرض وما بينهما الرحمن) بالرفع في كليهما ، وقرأ ذلك بعض أهل البصرة وبعض الكوفيين " رب " خفضاً ( والرحمن) رفعاً ولكل ذلك عندنا وجه صحيح ، فبأي ذلك قرا القارئ فمصيب ، غير أن الخفض في الرب ، لقربه من قوله " جزاء من ربك ": أعجب إلي ، وأما ( الرحمن) بالرفع ، فإنه أحسن ، لبعده من ذلك. وقوله: ( الرحمن لا يملكون منه خطاباً) يقول تعالى ذكره: الرحمن لا يقدر أحد من خلقه خطابه يوم القيامة إلا من أذن له منهم ، وقال صوابا. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن عمرو ، قال: ثنا أبو عاصم ، قال: ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال: ثنا الحسن ، قال: ثنا ورقاء جمعياً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله " لا يملكون منه خطابا " قال: كلاماً.
إعراب الآية 37 من سورة النبأ - إعراب القرآن الكريم - سورة النبأ: عدد الآيات 40 - - الصفحة 583 - الجزء 30. (رَبِّ السَّماواتِ) بدل من ربك مضاف إلى السموات (وَالْأَرْضِ) معطوف على السموات (وَما) معطوف على السموات و(بَيْنَهُمَا) ظرف مكان و(الرَّحْمنِ) بدل من رب و(لا) نافية و(يَمْلِكُونَ) مضارع مرفوع والواو فاعله و(مِنْهُ) متعلقان بالفعل و(خِطاباً) مفعول به والجملة مستأنفة. رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا (37) { حِسَاباً * رَّبِّ السماوات والارض وَمَا بَيْنَهُمَا}.
فقال فرعون { ألا تستمعون} على معنى الإغراء والتعجب من سفه المقالة إذ كانت عقيدة القوم أن فرعون ربهم ومعبودهم والفراعنة قبله كذلك. فزاد موسى في البيان بقوله { ربكم ورب آبائكم الأولين} فجاء بدليل يفهمونه عنه؛ لأنهم يعلمون أنه قد كان لهم آباء وأنهم قد فنوا وأنه لا بد لهم من مغير، وأنهم قد كانوا بعد أن لم يكونوا، وأنهم لا بد لهم من مكون. فقال فرعون حينئذ على جهة الاستخفاف { قال إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون} أي ليس يجيبني عما أسأل؛ فأجابه موسى عليه السلام عن هذا بأنقال { رب المشرق والمغرب} أي ليس ملكه كملكك؛ لأنك إنما تملك بلدا واحدا لا يجوز أمرك في غيره، ويموت من لا تحب أن يموت، والذي أرسلني يملك المشرق والمغرب؛ { وما بينهما إن كنتم تعقلون} وقيل علم موسى عليه السلام أن قصده في السؤال معرفة من سأل عنه، فأجاب بما هو الطريق إلى معرفة الرب اليوم. تفسير: (قال رب السموات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين). ثم لما انقطع فرعون لعنه الله في باب الحجة رجع إلى الاستعلاء والتغلب فتوعد موسى بالسجن، ولم يقل ما دليلك على أن هذا الإله أرسلك؛ لأن فيه الاعتراف بأن ثم إلها غيره. وفي توعده بالسجن ضعف. وكان فيما يروى أنه يفزع منه فزعا شديدا حتى كان اللعين لا يمسك بوله.
الحمد لله. الحديث الذي أورده السائل الكريم: حديث صحيح ثابت ، لا إشكال فيه ، بحمد الله. وقد أخرجه مسلم في "صحيحه" (478) ، من حديث عبد الله بن عباس ، رضي الله عنهما ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، قَالَ: اللهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ ، مِلْءُ السَّمَاوَاتِ وَمِلْءُ الْأَرْضِ ، وَمَا بَيْنَهُمَا ، وَمِلْءُ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ ، أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ ، لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ. وقد رُوي الحديث عن عبد الله بن أبي أوفى ، كما عند مسلم في "صحيحه" (476) ، ومن حديث أبي سعيد الخدري ، كما عند مسلم في "صحيحه" (477) ، وغيرهما. قال الإمام النووي رحمه الله: " أما قوله: (أهلَ) فمنصوب على النداء ، هذا هو المشهور ، وجوز بعضهم رفعه ، على تقدير: أنت أهل الثناء. والمختار النصب. والثناء: الوصف الجميل، والمدح. والمجد: العظمة ونهاية الشرف " انتهى، من "شرح مسلم" (4/198). وَقَوله: " وَلَا ينفع ذَا الْجد مِنْك الْجد " قَالَ أَبُو عبيد: لَا ينفع ذَا الْغنى مِنْك غناهُ، وَإِنَّمَا يَنْفَعهُ طَاعَتك وَالْعَمَل بِمَا يقربهُ مِنْك. "
تفسير الطبري ( قال) موسى هو ( رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ) ومالكهن (وَمَا بَيْنَهُمَا) يقول: ومالك ما بين السموات والأرض من شيء. ( إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ) يقول: إن كنتم موقنين أن ما تعاينونه كما تعاينونه, فكذلك فأيقنوا أن ربنا هو ربّ السموات والأرض وما بينهما.