هكذا كان سلفكم أيها المؤمنون محبة للنبي وإجلالاً له وإجلالاً لسنته ولحديثه وهذا من عظم تجريدهم المتابعة لرسول الله ومن كمال إيمانهم بنبوته ورسالته. فيا أيها الناس إذا ذكر سيدنا رسول الله فاستحضروا محبته في نفوسكم وإذا ذُكرت سنته فاستحضروا هيبته في نفوسكم، استحضروا هيبته في صدوركم يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرًا لهم والله غفور رحيم [الحجرات: 1-5]. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول هذا فاستغفر الله العظيم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
توقير الرسول فيجب علينا أن نحترم الرسول لأن الله أمرنا بذلك في قوله تعالى "إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً * لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} (سورة الفتح:9:8) أن نعبد الله بما جاء به محمد لأنه الرسول الحق الذي آتى إلينا حاملاً الرسالة التي منحها الله إياها و نحن من خلالها أدركنا الدين الاسلامي فلا يمكن أن يأتي الرسول إلا بالحق. أن نتحاكم إلى الرسول في كل صغيرة وكبيرة تواجهنا في حياتنا ونعود لشريعته وحياته والاقتناع بحكم الرسول. لذا يتوجب على كل انسان أن يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم و يشهد أنه رسول الله الذي أتى بالحق و أن الرسول محمد صلى الله عليه و سلم هو خاتم الأنبياء و المرسلين، ونحن يجب علينا تصديق كل ما جاء به ومحبته و احترامه وطاعته فطاعة الرسول من عبادة الله، و لا يكتمل الايمان في قلب كل انسان الا اذا آمن برسول الله و اتخذ من سيرته الطاهرة نهجاً يسير عليه في حياته.
إذاً: لابد من الجمع بين هاتين الشهادتين في كل عبادة نتعبد الله بها، وفي كل أمر من الأمور، سواء كان فعلاً أو تركاً لابد أن نجمع فيه بين مقتضى هاتين الشهادتين، فالشهادتان حاضرتان في كل أمر، فجلوسك هنا لطلب العلم عبادة لله, فلابد أن تحقق فيها شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، فتحقق فيها شهادة أن لا إله إلا الله بالإخلاص لله، وتحقق فيها شهادة أن محمداً رسول الله فلا تطلب علماً عن الله إلا عن طريق محمد صلى الله عليه وسلم. الصلاة الزكاة الصوم وقوله: (الصوم): هذا الركن الرابع من أركان الإسلام، والقاعدة الرابعة من قواعده, وهي صوم شهر رمضان في حق من يجب عليه صيامه، وهو البالغ المقيم الذي ليس مريضاً، وليس متلبساً بعذر مانع من الصيام كالحيض والنفاس، فهذا يجب عليه صيام رمضان؛ لأن الله تعالى يقول: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ [البقرة:185]، ومن أنكر وجوبه كفر، ومن أقر بوجوبه وامتنع من صيامه حيل بينه وبين الطعام والشراب، فحبس طيلة النهار بحيث لا يستطيع أن يشرب ولا أن يأكل حتى تغرب الشمس؛ وذلك لا ينفعه في الآخرة، وإن كان ينفعه في الدنيا أن يرفع عنه القتل. الحج
ولذلك كان التابعون وتابعوهم وأئمة الإسلام المرضيون كانوا إذا ذكر النبي أو ذكرت سنته تغشاهم محبته وتحضرهم محبته هذا الإمام مالك بن أنس إمام دار الهجرة، هذه المدينة النبوية في عهد التابعين، كان إذا حضر مجلس الحديث حديث رسول الله يتطيب ويتزين، ويحضر مجلس الحديث بأبهى حلة. من مقتضيات شهادة أن محمدا رسول الله. وكان إذا ذكر النبي يتغير وجهه وينحني من مهابة رسول الله حتى يصعب ذلك على جلسائه فقيل له يومًا في ذلك، أي أنكر عليه بعض جلسائه هذه الحال فذكر الإمام مالك - رحمه الله - عن حال شيوخه من التابعين أعجب من ذلك في مهابتهم لرسول الله وإجلالهم لذكره فقال الإمام مالك: لو رأيتم ما رأيت ما أنكرتم علىّ ما ترون، لقد رأيت محمد بن المنكدر سيد القراء - وهو شيخ من شيوخ مالك من التابعين - لا نكاد نسأله عن حديث من حديث رسول الله إلا بكى حتى نرحمه، ولقد رأيت جعفر بن محمد - يقول مالك - رحمه الله - وكان كثير الدعابة والتبسم إذا ذُكر النبي يتغير لونه وتذهب عنه دعابته وتبسمه وذلك من إجلاله - رحمه الله - لرسول الله. يقول مالك ولقد رأيت عبد الرحمن بن القاسم إذا ذُكر النبي عنده اصفر لونه وجف لسانه من هيبة رسول الله. ولقد رأيت الزهري - والحافظ الزهري من أعظم أئمة المسلمين وأعلمهم بسنة رسول الله إمام عظيم من أئمة الحديث من التابعين وكان من شيوخ مالك - يقول مالك: ولقد رأيت الزهري وإنه لمن أهنأ الناس وأقربهم إذا ذكر رسول الله فكأنه ما عرفك ولا عرفته أي مما تحضره من مهابة رسول الله فكأنه ما عرف الحاضرين عندهم ولا عرفهم ويقول مالك ولقد رأيت عامر بن عبد الله بن الزبير وكان إذا ذُكر عنده رسول الله بكى حتى يرحمه جلساؤه.
مقالات متعلقة تاريخ الإضافة: 12/8/2020 ميلادي - 23/12/1441 هجري الزيارات: 28491 معنى شهادة أن محمدًا رسول الله قال المصنف رحمه الله: (وَمَعْنَى "شَهَادَة أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله": طَاعَتُهُ فِيمَا أَمَرَ، وَتَصْدِيقُهُ فِيمَا أَخْبَرَ، واجْتِنَابُ مَا عنه نهى وزجر، وألا يُعْبَدَ الله إِلا بِمَا شَرَعَ). الشرح الإجمالي: (ومعنى شهادة أن محمدًا رسول الله)، أي: مقتضى هذه الشهادة هي: (طاعته فيما أمر) من التوحيد والصلاة والزكاة، وغيرها من الواجبات والمستحبات، (وتصديقه فيما أخبَر) به عن الآخرة والجنة والنار، وغير ذلك من أخبار الأمم الماضية، أو الأمور المستقبلة، (واجتناب ما عنه نهى وزجر)؛ كالشرك والبدع وعقوق الوالدين والزنا والربا، وغير ذلك، (وألا يعبد الله إلا بما شرع) الله سبحانه في كتابه، وما جاء به رسوله صلى الله عليه وسلم، فمن عبَدَ الله بغير ما شرع، فعمله باطل مردود عليه [1]. الشرح التفصيلي: سبق فيما مضى بيان أن الشهادة لا تكون شهادة، حتى يجتمع فيها ثلاث مراتب: علم الشاهد بها، واعتقاد صحة ما شهد به، وتكلم الشاهد بذلك ونطقه به، وأن يُعْلِم الشاهد ويخبر غيره بما يشهد به، فمعنى شهادة أنَّ محمدًا رسول الله أن يعلَم العبد ويعتقد ويتكلم، ويُخبر أنَّ محمدًا بن عبدالله الهاشمي القرشي المكي رسولٌ من عند الله جلَّ وعلا إلى جميع الخلق من الجن والإنس، أُنزل عليه الوحي فبلَّغ ذلك؛ لأن الرسول مُبلِّغ [2].